أسمه ونسبه ومولده
* ولد الشيخ محمد ناصر الدين بن الحاج نوح الألباني عام 1333 ه الموافق 1914 م في مدينة أشقودرة عاصمة دولة ألبانيا - حينئذ - عن أسرة فقيرة متدينة يغلب عليها الطابق العلمي، فكان والده مرجعاً للناس يعلمهم و يرشدهم. * هاجر صاحب الترجمة بصحبة والده إلى دمشق الشام للأقامة الدائمة فيها بعد أن انحرف أحمد زاغو (ملك ألبانيا) ببلاده نحو الحضارة الغربية العلمانية. * أتم العلامة الألباني دراسته الإبتدائية في مدرسة الإسعاف الخيري في دمشق بتفوق. * نظراً لرأي والده الخاص في المدارس النظامية من الناحية الدينية، فقد قرر عدم إكمال الدراسة النظامية ووضع له منهجاً علمياً مركزاً قام من خلاله بتعليمه القرآن الكريم، و التجويد، و النحو و الصرف، و فقه المذهب الحنفي، و قد ختم الألباني على يد والده حفظ القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم، كما درس على الشيخ سعيد البرهاني مراقي الفلاح في الفقه الحنفي و بعض كتب اللغة و البلاغة، هذا في الوقت الذي حرص فيه على حضور دروس و ندوات العلامه بهجة البيطار. * أخذ عن أبيه مهنة إصلاح الساعات فأجادهاحتى صار من أصحاب الشهره فيها، و أخذ يتكسب رزقه منها، وقد وفرت له هذه المهنه وقتاً جيداً للمطالعة و الدراسة، و هيأت له هجرته للشام معرفة باللغة العربية و الاطلاع على العلوم الشرعية من مصادرها الأصلية
طلبه للعلم
على الرغم من توجيه والد الألباني المنهجي له بتقليد المذهب الحنفي و تحذيره الشديد من الاشتغال بعلم الحديث، فقد أخذ الألباني بالتوجه نحو علم الحديث و علومه، فتعلم الحديث في نحو العشرين من عمره متأثراً بأبحاث مجلة المنار التي كان يصدرها الشيخ محمد رشيد رضا (رحمه الله) و كان أول عمل حديثي قام به هو نسخ كتاب " المغني عن حمل الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار" للحافظ العراقي (رحمه الله) مع التعليق عليه. كان ذلك العمل فاتحة خير كبير على الشيخ الألباني حيث أصبح الاهتمام بالحديث و علومه شغله الشاغل، فأصبح معروفاً بذلك في الأوساط العلمية بدمشق، حتى إن إدارة المكتبة الظاهرية بدمشق خصصت غرفة خاصة له ليقوم فيها بأبحاثه العلمية المفيدة، بالإضافة إلى منحه نسخة من مفتاح المكتبة حيث يدخلها وقت ما شاء، أما عن التأليف و التصنيف، فقد ابتدأهما في العقد الثاني من عمره، و كان أول مؤلفاته الفقهية المبنية على معرفة الدليل و الفقه المقارن كتاب " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد " و هو مطبوع مراراً، و من أوائل تخاريجه الحديثية المنهجية أيضاً كتاب " الروض النضير في ترتيب و تخريج معجم الطبراني الصغير" و لا يزال مخطوطاً. كان لإشتغال الشيخ الألباني بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أثره البالغ في التوجه السلفي للشيخ، و قد زاد تشبثه و ثباته على هذا المنهج مطالعته لكتب شيخ الإسلام ابن تيميه و تلميذه ابن القيم و غيرهما من أعلام المدرسة السلفية. حمل الشيخ الألباني راية الدعوة إلى التوحيد و السنة في سوريا حيث زار الكثير من مشايخ دمشق و جرت بينه و بينهم مناقشات حول مسائل التوحيد و الإتباع و التعصب المذهبي و البدع، فلقي الشيخ لذلك المعارضة الشديدة من كثير من متعصبي المذاهب و مشايخ الصوفية و الخرافيين و المبتدعة، فكانوا يثيرون عليه العامة و الغوغاء و يشيعون عنه بأنه "وهابي ضال" و يحذرون الناس منه، هذا في الوقت الذي وافقه على دعوته أفاضل العلماء المعروفين بالعلم و الدين في دمشق، و الذين حضوه على الاستمرار قدماً في دعوته و منهم، العلامة بهجت البيطار، الشيخ عبد الفتاح الإمام رئيس جمعية الشبان المسلمين في سوريا، الشيخ توفيق البزرة، و غيرهم من أهل الفضل و الصلاح (رحمهم الله).
صبره على الأذى .... و هجرته
في أوائل 1960م كان الشيخ يقع تحت مرصد الحكومة السوريه، مع العلم أنه كان بعيداً عن السياسة، و قد سبب ذلك نوعاً من الإعاقة له. فقد تعرض للإعتقال مرتين، الأولى كانت قبل 67 حيث اعتقل لمدة شهر في قلعة دمشق وهي نفس القلعة التي اعتقل فيها شيخ الاسلام (ابن تيمية)، وعندما قامت حرب 67 رأت الحكومة أن تفرج عن جميع المعتقلين السياسيين. لكن بعدما اشتدت الحرب عاد الشيخ إلى المعتقل مرة ثانية، و لكن هذه المرة ليس في سجن القلعة، بل في سجن الحسكة شمال شرق دمشق، و قد قضى فيه الشيخ ثمانية أشهر، و خلال هذه الفترة حقق مختصر صحيح مسلم للحافظ المنذري و اجتمع مع شخصيات كبيرة في المعتقل
نشط الشيخ في دعوته من خلال
أعمال ... انجازات ... جوائز
للشيخ رحمه الله تعالى مؤلفات كثيرة نذكر منها
وصية العلامة الألباني لعموم المسلمين
إن الحمد لله نحمده ونستعينه و نستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له، و أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً عبده و رسوله .. وبعد فوصيتي لكل مسلم على وجه الأرض و بخاصة إخواننا الذين يشاركوننا في الإنتماء إلى الدعوة المباركة دعوة الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح. أوصيهم و نفسي بتقوى الله تبارك و تعالى أولاً، ثم بالإستزادة بالعلم النافع، كما قال تعالى ( واتقوا الله و يعلمكم الله ) و أن يعرفوا عملهم الصالح الذي هو عندنا جميعاً لا يخرج عن كونه كتاب و سنة، و على منهج السلف الصالح، و أن يقرنوا مع عملهم هذا و الاستزادة منه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا العمل بهذا العلم، حتى لا يكون حجة عليهم، وإنما يكون حجة لهم يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، ثم أحذرهم من مشاركة الكثير ممن خرجوا عن المنهج السلفي بأمور كثيرة.. و كثيرة جداً، يجمعها كلمة "الخروج" على المسلمين و على جماعتهم، و إنما نأمرهم بأن يكونوا كما قال - عليه الصلاة و السلام - في الحديث الصحيح:" وكونوا عباد الله إخواناً كما أمركم الله تبارك و تعالى" و علينا - كما قلت في جلسة سابقة وأعيد ذلك مرة أخرى- و في الإعادة إفادة، و علينا أن نترفق في دعوتنا المخالفين إليها، و أن تكون مع قوله تبارك و تعالى دائما و أبداً: ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي أحسن) و أول من يستحق أن نستعمل معه هذه الحكمة هو من كان أشد خصومة لنا في مبدئنا و في عقيدتنا، حتى لا نجمع بين ثقل دعوة الحق التي امتن الله عز و جل بها علينا و بين ثقل أسلوب الدعوة إلى الله عز و جل، فأرجو من إخواننا جميعاً في كل بلاد الإسلام أن يتأدبوا بهذه الآداب الإسلامية، ثم أن يبتغوا من وراء ذلك وجه الله عز و جل، لا يريدون جزاءً و لا شكوراً
وفاته رحمه الله تعالى
توفي العلامة الألباني قبيل يوم السبت في الثاني و العشرين من جمادى الآخرة 1420ه، الموافق الثاني من أكتوبر 1999م، و دفن بعد صلاة العشاء. و قد عجل بدفن الشيخ لأمرين أثنين: الأول: تنفيذ و صيته كما أمر. الثاني: الأيام التي مر بها موت الشيخ رحمه الله و التي تلت هذه الأيام كانت شديدة الحرارة، فخشي أنه لو تأخر بدفنه أن يقع بعض الأضرار أو المفاسد على الناس الذين يأتون لتشييع جنازته رحمه الله فلذلك أوثر أن يكون دفنه سريعاً. بالرغم من عدم إعلام أحد عن وفاة الشيخ إلا المقربين منهم حتى يعينوا على تجهيزه و دفنه، بالإضافه إلى قصر الفترة ما بين وفات الشيخ و تدفنه، إلا أن آلاف المصلين قد حضروا صلاة جنازته حيث تداعى الناس بأن يعلم كل منهم أخاه
ندعو الله عز وجل ان يجزأ الإمام الألباني خير الجزاء لما قدم للإسلام والمسلمين